قرارات التعليم في رمضان- بين إصرار الوزارة وتحديات الأسر والمعلمين.
المؤلف: عبده خال10.02.2025

مع إطلالة شهر رمضان المبارك وقبله بأمد ليس بالقصير، تعالت الأصوات مطالبةً بإعفاء الطلاب الأعزاء من الدوام الحضوري، وذلك لما يلقيه من أعباء جمة على كاهل الأسرة، ولا سيما الأم التي تتحمل العبء الأكبر. وعلى الرغم من إصرار وزارة التعليم الموقرة على تنفيذ قرارها، لم تجد الأمهات المخلصات سبيلاً سوى خوض معركة افتراضية عبر تطبيق (الواتس آب) في محاولة لتغييب أبنائهن عن المدارس. وقد انعكس ذلك وكأن الأمهات يطبقن المثل القائل: (إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع). والحق يقال، كان بمقدور الوزارة تدارك الأمر برمته منذ البداية، وذلك من خلال تبني خيار التعليم عن بُعد، وهو أسلوب أكثر جدوى وفاعلية من الدخول في (مبارزة) لا طائل منها لمعرفة من سينتصر في نهاية المطاف. فالتعليم عن بُعد يصون مكانة الطرفين ويظهر حرص كليهما على مصلحة الطلاب. فالوزارة هي الأدرى بخبايا النمط الاجتماعي والسلوكيات السائدة في المواسم الدينية، وتلك المعرفة كفيلة بإنهاء أي خلاف أو اشتباك محتمل بين الوزارة وأولياء الأمور الكرام.
ويبدو جلياً أن شهر رمضان لهذا العام قد مكّن وزارة التعليم من تغيير دفة الأمور نحو اتجاهات متباينة.. فعندما أصدر وزير التعليم الموقر قراراً يقضي باعتماد إغلاق إدارات التعليم والمكاتب التابعة لمديري التعليم في المناطق وبعض المحافظات بتاريخ 9 رمضان الحالي، أثار القرار موجة من ردود الفعل المتباينة بين المنتمين إلى العملية التعليمية. وظهرت الاعتراضات وإن كانت همساً خافتاً، أو مجرد تساؤلات عابرة بين أوساط المجتمع التعليمي. وظلت الأسئلة عالقة دون إجابات شافية حيال هذا القرار، ومنها على سبيل المثال :
- ما هو المصير الذي ينتظر المشرفين والإداريين العاملين في تلك المكاتب؟ وهل ستتم إعادتهم إلى العمل كمعلمين متخصصين وفقاً لمؤهلاتهم بعد سنوات طويلة من الخدمة والإشراف التي وضعوا خلالها الخطط والدراسات المتعددة؟ وهل سيتم تجميد تلك الخبرات الثرية وتلك الدراسات المستفيضة؟ ومن سيقوم بمتابعة أداء المعلمين وتقييمهم؟ وهل سيضطلع مدير المدرسة بدور المشرف المقيم مع المعلم على الرغم من اختلاف التخصصات والمجالات المعرفية؟
ثم ماذا عن دمج تخصصات المواد الاجتماعية (التاريخ والجغرافيا)؟ ما هي الفوائد المرجوة من هذا الدمج، وما هو مستقبل الخريجين المتخصصين في هذه المجالات؟
وبالنظر إلى القرارات المتلاحقة في قطاع التعليم والتي غالباً ما يلغي أحدها القرار الذي سبقه، فماذا عن كفاءة الإنفاق واعتماد المناهج الدراسية ووضعها على الصفحة الإلكترونية للوزارة لتيسير تحميل الكتب؟ وماذا عن إصرار المعلمين والمعلمات على طباعة هذه الكتب والملازم وتكليف أولياء الأمور بتحمل هذه الأعباء المالية الإضافية، فضلاً عن طلب فصل المنهج وتغليفه لكل فصل دراسي على حدة؟ وهذا ما دفع أحد أولياء الأمور إلى أن يحسد أصحاب المكتبات والقرطاسية قائلاً: «يا له من حظ عظيم تحظى به المكتبات والقرطاسية مع بداية كل فصل دراسي»؛ لأن ذلك يمثل عبئاً إضافياً على أولياء الأمور يفوق طاقتهم وقدرتهم.
ومن بين الاعتراضات الصامتة التي يمكن أن نسمعها، هناك حالة من الأسف والتأثر لإغلاق بعض إدارات التعليم المتميزة، مثل إدارة تعليم جدة بعد حصولها على جوائز التميز والتقدير. فإدارات التعليم المتعددة كانت أكثر حيوية وديناميكية وأكثر قدرة على تحقيق الإنجازات الملموسة. فهل الغاية من ذلك هو التأكيد على المركزية المفرطة؟ فمن المعلوم أن المركزية عادة ما تبطئ وتعطل سير العمل في جوانب معينة.. وبصفتي أحد أبناء هذا القطاع التعليمي، ما زلت أكرر أن قرارات التعليم تأكل بعضها بعضاً، فقد اعتدت على أن كل قرار يصدر من الوزارة يتم تمريره على عجل، ومع البدء في تنفيذه يتم اكتشاف عدم جدواه أو صلاحيته، فيتم إلغاؤه على الفور، ليحل محله قرار جديد، وهكذا تستمر الدائرة المفرغة.
وأنا أشهد على ذلك بحكم خبرتي الطويلة التي قضيتها في خدمة التعليم.
ويبدو جلياً أن شهر رمضان لهذا العام قد مكّن وزارة التعليم من تغيير دفة الأمور نحو اتجاهات متباينة.. فعندما أصدر وزير التعليم الموقر قراراً يقضي باعتماد إغلاق إدارات التعليم والمكاتب التابعة لمديري التعليم في المناطق وبعض المحافظات بتاريخ 9 رمضان الحالي، أثار القرار موجة من ردود الفعل المتباينة بين المنتمين إلى العملية التعليمية. وظهرت الاعتراضات وإن كانت همساً خافتاً، أو مجرد تساؤلات عابرة بين أوساط المجتمع التعليمي. وظلت الأسئلة عالقة دون إجابات شافية حيال هذا القرار، ومنها على سبيل المثال :
- ما هو المصير الذي ينتظر المشرفين والإداريين العاملين في تلك المكاتب؟ وهل ستتم إعادتهم إلى العمل كمعلمين متخصصين وفقاً لمؤهلاتهم بعد سنوات طويلة من الخدمة والإشراف التي وضعوا خلالها الخطط والدراسات المتعددة؟ وهل سيتم تجميد تلك الخبرات الثرية وتلك الدراسات المستفيضة؟ ومن سيقوم بمتابعة أداء المعلمين وتقييمهم؟ وهل سيضطلع مدير المدرسة بدور المشرف المقيم مع المعلم على الرغم من اختلاف التخصصات والمجالات المعرفية؟
ثم ماذا عن دمج تخصصات المواد الاجتماعية (التاريخ والجغرافيا)؟ ما هي الفوائد المرجوة من هذا الدمج، وما هو مستقبل الخريجين المتخصصين في هذه المجالات؟
وبالنظر إلى القرارات المتلاحقة في قطاع التعليم والتي غالباً ما يلغي أحدها القرار الذي سبقه، فماذا عن كفاءة الإنفاق واعتماد المناهج الدراسية ووضعها على الصفحة الإلكترونية للوزارة لتيسير تحميل الكتب؟ وماذا عن إصرار المعلمين والمعلمات على طباعة هذه الكتب والملازم وتكليف أولياء الأمور بتحمل هذه الأعباء المالية الإضافية، فضلاً عن طلب فصل المنهج وتغليفه لكل فصل دراسي على حدة؟ وهذا ما دفع أحد أولياء الأمور إلى أن يحسد أصحاب المكتبات والقرطاسية قائلاً: «يا له من حظ عظيم تحظى به المكتبات والقرطاسية مع بداية كل فصل دراسي»؛ لأن ذلك يمثل عبئاً إضافياً على أولياء الأمور يفوق طاقتهم وقدرتهم.
ومن بين الاعتراضات الصامتة التي يمكن أن نسمعها، هناك حالة من الأسف والتأثر لإغلاق بعض إدارات التعليم المتميزة، مثل إدارة تعليم جدة بعد حصولها على جوائز التميز والتقدير. فإدارات التعليم المتعددة كانت أكثر حيوية وديناميكية وأكثر قدرة على تحقيق الإنجازات الملموسة. فهل الغاية من ذلك هو التأكيد على المركزية المفرطة؟ فمن المعلوم أن المركزية عادة ما تبطئ وتعطل سير العمل في جوانب معينة.. وبصفتي أحد أبناء هذا القطاع التعليمي، ما زلت أكرر أن قرارات التعليم تأكل بعضها بعضاً، فقد اعتدت على أن كل قرار يصدر من الوزارة يتم تمريره على عجل، ومع البدء في تنفيذه يتم اكتشاف عدم جدواه أو صلاحيته، فيتم إلغاؤه على الفور، ليحل محله قرار جديد، وهكذا تستمر الدائرة المفرغة.
وأنا أشهد على ذلك بحكم خبرتي الطويلة التي قضيتها في خدمة التعليم.